شفق نيوز/ يبحث المواطن علي هلال (30 عاما) من محافظة البصرة، عن عمل يعيل به عائلته بعد أن اكتظت محافظته بالأيدي العاملة الأجنبية والوافدة التي تمارس مهنا في مختلف الاختصاصات، ويجدها حاضرة أينما حل، من المحال المتواضعة إلى الشركات الاستثمارية الكبيرة.
وتشهد محافظة البصرة تزايدا ملحوظا في أعداد العمالة الأجنبية والوافدة من الخارج الذين أغلبهم "بلا سند قانوني"، في الوقت الذي تشكو فيه المحافظة من ارتفاع نسب البطالة بين شبابها، لاسيما ضمن الخريجين وأصحاب الشهادات العليا.
هلال، أشار خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "البصرة تتعرض لغزو من قبل العمال الأجانب الذين يملأون المحافظة ويزاحمون الطاقات المحلية، فعند البحث عن عمل في أي مكان ترى العامل الأجنبي أمامك، بداعي أنه يعمل لساعات طويلة وبأجر أقل، مقارنة بالعامل العراقي".
ويدعو المواطن البصري الحكومتين المحلية والاتحادية إلى "ضرورة وضع حد للعمالة الأجنبية في محافظته، وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين وللأيدي العراقية الماهرة".
أجانب أم عراقيون؟
في هذا الصدد، قال رئيس اتحاد نقابات العمال في البصرة، أحمد الخفاجي، إن "الطبقة العاملة في المحافظة تشكل أكثر من 70% من المجتمع، وتطغى العمالة الأجنبية على نظيرتها المحلية بنسبة تتجاوز 60%، وهناك أجانب يُسجلون بأسماء عراقيين ويدخلون للعمل في شركات استثمارية بالحقول النفطية".
وشكا الخفاجي، خلال حديثه للوكالة، من "مضايقات تعرقل عمل نقابة العمال من قبل الحكومتين الاتحادية والمحلية، قال إنهما يمنعان (النقابة) من الدخول إلى مواقع العمل للاطلاع على العمالة الأجنبية والوافدة في تلك المواقع"، موضحاً أن "المنع يأتي لعدم الكشف أنها "دخلت البلاد بفيز سياحية وليس للعمل، فضلا عن انتهاء صلاحية معظمها".
توجيهات حكومية
من جانبه، وجه وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي - الأسبوع الماضي - دائرة العمل والتدريب المهني، بـ"عدم ترويج طلبات جديدة خاصة بالشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية".
وقال الأسدي في بيان، إن "الوزارة بصدد وضع آليات دقيقة وفقا للقانون، تضمن تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين قبل منح أي فرصة للعمالة الأجنبية".
وفي وقت سابق، فرض وزير العمل والشؤون الاجتماعية، نسبة 50% من العمالة المحلية على الشركات الأجنبية العاملة في العراق، ورغم أن القانون العراقي يجبر الشركات الأجنبية على تشغيل العراقيين بالنسبة الأكبر من القوة العاملة، إلا ذلك لم يتم تطبيقه.
تحرك نيابي
إلى ذلك، أكد النائب عن محافظة البصرة، أحمد الربيعي، متابعة موضوع العمالة الأجنبية والعراقية، والنسب المقررة حسب القوانين النافذة والعقود المبرمة ما بين الشركات النفطية والجهات الحكومية المعنية، التي تمثل شركات القطاع الحكومي العام.
وأضاف الربيعي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن دوره في البرلمان هو "التحقق من النسب والعدالة، وكذلك أهمية استبدال بعض الحرف والأعمال الاعتيادية التي لا تمثل تخصصات حاكمة بالعمالة العراقية".
وتنص المادة 30 من قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 على "حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلا على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة مقابل رسم يحدد بتعليمات يصدرها الوزير"، في ما تنص المادة 31 من القانون على منع وحظر التحاق العامل الأجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل.
عمالة البصرة
ولا توجد تقديرات رسمية حول حجم العمالة الأجنبية في العراق، رغم أن وزارة العمل تقول إن أعدادهم تقدر بـ"نصف مليون عامل"، لكن المسجل رسميا 100 ألف فقط، أي وجود 400 ألف عامل أجنبي أوفد إلى العراق بصورة غير رسمية"، وفق أستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل، نبيل المرسومي.
وعن أعداد العاملين الأجانب في البصرة، أشار المرسومي خلال حديثه للوكالة، إلى أن "التقديرات متضاربة، فبعضها يشير إلى وجود نحو 139 ألف عامل في الحقول النفطية، في ما أعطت شركة نفط البصرة تصريحات أمنية لأكثر من 71 ألف عامل أجنبي خلال عام واحد فقط".
ودعا الخبير الاقتصادي، البرلمان، إلى "تشريع القوانين المنظّمة لعمل العمالة الأجنبية، ووضع الضوابط عليها، فضلا عن تقليص نسبتهم إلى 20%، لعدم انسجام معظمهم مع متطلبات الحاجة الفعلية لسوق العمل العراقي، بالإضافة إلى تأثيرهم السلبي على ميزانية المدفوعات وعلى الحساب الجاري خلال تحويلاتهم المالية إلى خارج البلاد، وهذه تُمثل استنزافا للموارد المالية للعملات الأجنبية".
واعتبر المرسومي، وجود نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية في البصرة "غير قانوني" وما يترتب عليه من مخاطر أمنية، فضلا عن مزاحمتهم للعمالة المحلية، كون نسبة البطالة في العراق وصلت إلى 16.5% حسب مسح القوى العاملة للجهاز المركزي للإحصاء، في ما بلغ معدل البطالة بين الشباب 35%".
وختم الخبير الاقتصادي، حديثه بالقول: "يجب تشريع قوانين تُفرض ضرائب مرتفعة على العمالة الأجنبية غير الماهرة، واقتصار استقدام العمالة الأجنبية على ذوي المهارات العالية والخبرات المرتفعة التي لا تتوفر ضمن العمالة المحلية".
وتعلن وزارة الداخلية العراقية، باستمرار ترحيل عمال أجانب من جنسيات متعددة أبرزها آسيوية لمخالفتهم قوانين الإقامة والعمل، فيما كشفت في أكثر من مناسبة عن ارتكاب البعض من هؤلاء جرائم جنائية.
ويحتج العراقيون منذ سنوات على النظام السياسي في البلاد، على خلفية تصاعد مؤشرات الفساد المالي والإداري، وتراجع الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.